الإستعمار و الإستحمار

newswekarabi   

م.  شاهر الرقام

إملائياً الفرق بين الكلمتين حرف واحد ولكن لغوياً الفرق شاسع بين العين والحاااااااا.

الجلاء التام أو الموت الزؤام. في زمن مضى، كانت هذه العبارة ومثيلاتها شعاراً لايقبل النقاش في مقاومة المحتلين وقد قال الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود

سأحمل روحي على راحتي وأهوي بها في مهاوي الردى
فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدى

وإنتهى زمن الإحتلال بخروج الجيوش الغازية بيد أن الحاجة للإحتلال والإستعمار لا زالت قائمة فلا بد إذن من بديل. فكان الإستعمار عن بعد هو النموذج المعتمد.

ويقوم هذا النموذج الجديد على الإغراق في الترف وغسل العقول وإخضاعها وإحتلالها أو إختلالها لا فرق بين الإثنين.
وعليه كان لا بد من خطة ثقافية تعليمية إعلامية تعمل على ثلاثة محاور. الدين واللغة والثقافة.
ولأن هذه المحاور تمثل القيم العليا لكل إنسان كان التدرج حتمياً حتى الوصول للهدف وهو تحطيم الضحية من الداخل ثم تركه ليربي أجيالاً مطيعة هادئة “لا تهش ولا تنش” تتقبل أي شئ دونما تفكير طالما أنه يأتي من المصدر.

فتم إنتاج جيل الهزيمة ثم جيل الحسرة وبعدهما أجيال الخيبة.

في الماضي كان بلد المحتل منفى للثوار. واليوم يصطف أحفاد الثوار في طوابير طويلة عند سفارات تلك الدول يتسولون تأشيرة عبور حتى لو على حساب كرامتهم.

في الماضي كان اللغة القومية مقدسة ولغة المحتل مرفوضة أما اليوم تقوم الدنيا ولا تقعد إن أخطأ الأولاد في اللغة الأجنبية أما إذا كان الخطأ في اللغة الأم فنجد لهم الأعذار. لذلك ينشئون وفي عقولهم أن اللغة الأجنبية وإتقانها أهم من أي شئ آخر.
في الماضي كان الناس رجالاً ونساءاً لا يغيرون أزيائهم أما اليوم فالملابس التقليدية تسمى فلكلور ولا تستعمل إلا في المهرجانات.

ويستمر التأثير الثقافي التعليمي الإعلامي إلى أن يستقر في ذهن الضحية أنه أقل مرتبة من الآخر وأن وطنه سجن وأن لغته وثقافته لا تناسب هذا الزمن.
عند ذلك تكتمل أركان الإحتلال العقلي وتتم هزيمة الضحية وكسره والسيطرة عليه. فيصبح تابعاً مطيعاً بإرادته بل ويشعر أنه لا يمكنه العيش دون رضا سيده. وهكذا تصبح قيادته سهلة وممتعة على طريقة ” شيي حاااااااااء”

ولهذا أصبحنا نرى من يبيع وطنه ومن يبيع دينه ومن ينحر أمه ومن يفجر نفسه وكلهم يعتقدون أنهم على حق والحق منهم براء.

وقانا الله وإياكم الفتن والمحن ماظهر منها وما بطن.

م/ شاهر محمد رقام