الرئيسية / طب / الطب الشخصي نقطة تحول في الطب الحيوي
منظمة السلام والصداقة الدولية

الطب الشخصي نقطة تحول في الطب الحيوي

 

newswekarabi  

عبدالحكيم محمود

 

 

مع تطور العلوم الطبية، وخصوصاً خلال العقود القليلة الماضية، تطور النموذج الطبي الكلاسيكي، وبالتحديد في الجزء الخاص باختيار أسلوب العلاج المناسب، وفي تقدير احتمالات الشفاء، وربما حتى التنبؤ باحتمالات الإصابة بالمرض من الأساس، فيما أصبح يعرف بالطب الشخصي
الطب الشخصي هو نموذج طبي يعتمد على تخصيص الرعاية الصحية، حيث يتم تفصيل القرارات والممارسات أو المنتجات الطبية خصيصاً لتلائم المريض.
في بادئ الأمر استعمل مصطلح الطب الشخصي في حقل الوراثة، حيث لعب استعمال المعلومات الوراثية دوراً رئيسياً في جوانب من الطب الشخصي. لاحقاً توسع المصطلح ليشمل جميع أشكال إجراءات الشخصنة. وعلى الرغم من أن الطب بحد ذاته يعتبر في الأصل “شخصياً” لكل مريض على حدة، إلا أن الطب الشخصي يعبر عن استخدام أنواع من المقاربات والتكنولوجيا أو الاكتشافات التي توفر مستوى جديداً من الشخصنة لم يكن ممكناً من قبل
فعلى سبيل المثال، يمكن من خلال فحوصات وراثية متخصصة، تحديد الجرعة المناسبة من دواء أو عقار طبي ما، بناء على التركيبة الوراثية للمريض، مما يضمن أكبر قدر من الفعالية الدوائية، بالترافق مع أكبر خفض ممكن للمضاعفات أو الآثار الجانبية التي قد تنتج عن العلاج.
ويتم حالياً بالفعل استخدام هذا الأسلوب مع المرضى الذين يتناولون عقار «الورفارين» المانع لتجلط الدم، باستخدام معادلات رياضية تأخذ في الاعتبار التركيبة الوراثية للمريض، بالإضافة إلى عمره، وجنسه، ووزنه، كما يطبق الأسلوب نفسه مع المرضى الذين يتلقون علاجاً لبعض الاضطرابات الذهنية والعقلية، مثل الذهان، والفصام، والاضطراب ثنائي القطب


وقد دخل الباحثون ومقدمو الرعاية الصحية، مؤخرًا، مرحلة طبية متقدمة، حسّنت من قدرتهم على فهم أسباب الإصابة بالأمراض القابلة للعلاج،والوقاية منها، ومعالجتها عبر دراستهم لأنماط حياة السكان وبصمتهم الوراثية. ويمكن للباحثين الطبيين والأطباء تصميم خطة علاج تنظر بعين الاعتبار إلى جميع المتغيرات التي تساهم في زيادة فرص العلاج الناجح للمرضى، وشفائهم من الأمراض، بعد تحليلهم للتركيبة الوراثية للمرضى، وتاريخهم الطبي وأنماط حياتهم.
وأنشأت عدد من الدول، من بينها قطر، بنوكًا حيوية واسعة النطاق، خلال السنوات الأخيرة؛ لتحسين مستوى فهمها لأسباب الإصابة بالأمراض الرئيسية التي تؤثر على سكانها، والمضي قدمًا على طريق تنفيذ مشاريع الطب الحيوي.
ومثَّل قطر بيوبنك نقطة تحول لبحوث الطب الحيوي في قطر عند إنشائه في عام 2012، حيث كان هناك نقص في البيانات المتاحة عن التاريخ الطبي للسكان المحليين في المنطقة قبل إطلاقه، وكان الجزء الأكبر من الأبحاث الموجودة متعلقًا بالسكان الغربيين. ويساهم عمق واتساع المعرفة والبيانات الطبية التي يجمعها قطر بيوبنك في توفير منصة قيّمة لخبراء الرعاية الصحية تساعدهم على إجراء بحوث طبية حيوية عالية الجودة.
وفي بيان صحفي وزعته مؤسسة قطر علّقت الدكتورة نهلة عفيفي، مدير إدارة العلوم والتعليم في قطر بيوبنك ومدير قطر بيوبنك بالإنابة، قائلةً: “ستساعد المعلومات المستمدة من بحوثنا أخصائيي الرعاية الصحية في قطر على تطوير وسائل أفضل للوقاية، وطرق للعلاج الشخصي متوافقة مع الشفرة الوراثية لكل فرد. وسيتمكن هؤلاء الأخصائيون المطلعون على المعلومات الطبية الحيوية من تطوير وسائل أفضل للوقاية من الأمراض، والتشخيص، وعلاج الأمراض الخطيرة التي تصيب سكان دولة قطر.”
وفي الوقت الحالي، تنتشر مجموعة من الأمراض، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري، والسرطان بين سكان دولة قطر والمنطقة، وهو ما يفرض حاجة ماسة لإجراء بحوث طبية من أجل المساعدة في الوقاية من هذه الأمراض، وتحسين العلاج المقدَّم للمجتمعات المحلية.
ولا تساهم مظاهر التقدم في دراسة الأمراض الشائعة وطرق العلاج المبتكرة بدولة قطر في تحسين نتائج العلاج فحسب، ولكنها تعني أيضًا أن المرضى لن يحتاجون للسفر إلى الخارج بعد الآن لتلقي وسائل العلاج المتخصصة، حيث تشهد خدمات الرعاية الصحية تطورًا متزايدًا في قطر.
كما يقود برنامج قطر جينوم، الذي يحظى بدعم قطر بيوبنك، الجهود الرامية لتطوير خدمات الطب الشخصي عبر التعرف على بيانات التسلسل الوراثي لسكان دولة قطر، بهدف فهم الارتباط بين النمط الظاهري والنمط الوراثي الذي يؤثر على صحة السكان. وقد شهدت المرحلة الأولى من البرنامج تحليل حوالي 3000 شريط وراثي
من ناحية أخرى قال الدكتور سعيد إسماعيل ، مدير برنامج قطر جينوم: “من خلال التعرف على الخريطة الوراثية لسكان دولة قطر، يمكننا المساعدة في تقديم خدمات رعاية صحية في البلاد تتناول المسائل الطبية على المستوى الشخصي. وسوف يعني ذلك توفير خيارات علاج مصممة خصيصًا مع النظر بعين الاعتبار إلى البصمة الوراثية لكل مريض، وهو ما يؤدي إلى زيادة فعالية هذه الخيارات وتحسين النتائج.”


كما يوفر برنامج قطر جينوم، بالشراكة مع الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، منحة سنوية بعنوان “الطريق نحو الطب الشخصي”، تدعم الباحثين في علوم الجينوم والوراثة الذين يعملون في المراكز البحثية داخل دولة قطر.
ويتعين على سكان دولة قطر أداء دورهم الحيوي في هذه الثورة الطبية، إذ يمكن للمواطنين القطريين الذين تجاوزوا سن الثامنة عشرة، والمقيمين الذين يعيشون في قطر منذ أكثر من 15 عامًا، التطوع في هذا المشروع عبر تقديم بياناتهم الطبية الحيوية. ويخضع زوار قطر بيوبنك لفحوصات طبية قياسية مثل قياس ضغط الدم وفحص وظائف الرئة خلال زيارتهم للمركز، بالإضافة إلى فحوصات متخصصة تشمل فحصًا جديدًا لا تقدمه البنوك الحيوية واسعة النطاق، ومن بينها طرق التصوير المتقدمة لقياس تركيبة الجسم بأكمله، والتحقق من صحة الشرايين السباتية، وفحص الجهد القلبي لقياس مستوى اللياقة البدنية.
وتساهم العينات والفحوصات التي يجمعها قطر بيوبنك في تحويل المركز إلى مصدر فريد للبيانات الطبية الحيوية، في إطار مساعيه المبذولة للوصول إلى اكتشافات رائدة تعزز من صحة السكان، وترفع مستوى وعيهم بالمخاطر المرتبطة بالأمراض المتفشية

عن مؤيد علي

شاهد أيضاً

الأقصى في قلب السعودية:

Newswekarabi نور الدين محمد طويل       اختار الله سبحانه وتعالى أماكن تشريف وتعظيم …