عبثية السياسة ،، وعبودية الساسة في غابات من الجيف المُسيّٓسٓة!!

newswekarabi

د . علي آل غازي

اكتشفت ان العامل الإفريقي اللي جبته في صباح اليوم لينظف لي حديقة منزلي أنه أستاذ مساعد في الجامعة بالعاصمة الكونغولية ” كينشاسا ” ) ..
قال لي : بلادي الكونغو كانت ولازالت مستعمرة بلجيكية في وسط إفريقيا وتمتلك هبات السماء من غابات وذهب وماس ومعادن تدخل في كل شيء من شاشات هاتفك المحمول إلى أسلاك الطائرات ..

ثم سألني إن كنت أعرف إن تسعة ملايين إنسان قتلوا في بلاده في الأربعين سنة الأخيرة ، وحين أجبته بالنفي ، قال : مَن يملك الإعلام العالمي هو مَن يقتل البشر هناك ولهذا لن تسمع ..!

سألته عن دور بلجيكا في بلاده ..

فقال لي : ليست هناك دولة واحدة تسيطر على الكونغو ، العالم كله يسيطر علينا وكلٍ حسب إمكانياته ، أمريكا بالطبع لها حصة الأسد لأنها دولة عظمى و فرنسا تستثمر وبريطانيا والصين وبلجيكا

ولهذا ليست لدينا حكومة مركزية ولن يأتي إلينا السلام ولا حقوق الإنسان ..
بل نحن سنتعرف على تأثير إغتصاب نصف مليون إمرأة علينا .. سنتعلم إن الرجل الذي تغتصب زوجته لن يستطيع أن ينظر في وجهها خجلاً من عدم قدرته على حمايتها وهي لن تنظر إليه خجلاً من وعدها بالوفاء له ..

ثم إستطرد قائلاً : صدقني إنهم لا يغتصبون النساء بسبب رغبة جنسية بل لأن الإغتصاب أفضل سلاح لإحداث شرخ بين الأهل ..

فسألته عن قصته ..؟

فقال : ميليشياتهم إغتصبوا زوجتي أمامي ثم قتلوا أبي وبعدها رموا اطفالي في بئر مزرعتي وربطوني عند حافة هذا البئر لأيام حتى يجبروني على سماع صراخهم وأنا أحاول أن أطمئنهم ولكنهم سكتوا عن الحياة واحد تلو الآخر ، كم تمنيت أن أستمر في سماع هذا الصراخ لسنوات حتى يأتي مَن يُنقذهم ، ولكن كلهم سكتوا ..!

سكتُ أنا أيضاً ، فقال : حين يكون هناك عدد كبير من الشركات والدول والسياسيين الذين يريدون حصة منك ومن أرضك ، لن تستطيع أبداً أن تبقى دولة واحدة بقانون واحد ومؤسسات قضائية لأن الدولة الواحدة ستبرم عقداً مع شركة أو عشر شركات لكن هناك مئات الجهات التي تريد بعض الذهب او الماس من الكونغو وكل واحدة منها تملك عصابة وميليشيا ،
نحن الذين نُحدث الكابوس المعتم في بلادنا ..

و بعد انتهاء عمله أوصلته و ودعته وشكرته وأنا أنظر إليه وقد عاد للجلوس مع رفاقه في إنتظار لقمة عيش جديدة مع زبون آخر ،

ثم فكرت ببلاد العرب وكيف أنها تتشقق وتتشرذم لأن كل جهة تريد حصة من ثرواتها ولأن مَن يصنع المال في مكان يصنع معه تشرد ودمار وجمود لمشاكل مستقبلية ثم تذكرت شيئاً كنت أفكر به منذ أسابيع ..

تذكرت كيف إن بعض دولناإنقسمت إلى جزء يتصور أن الخلاص لن يتحقق إلا بالإلتزام المطلق بالدين كمّا يفهمه هو ، وجزء آخر يتصور إن المشاكل التي نعاني منها لن تنتهي إن لم نقضي على الدين ..

شعرت بألم من أمنية ذلك الإنسان الكونغولي الجميل التى اقتصرت على سماع صراخ أطفاله من جديد .. ..
وكنت وهو يحادثني تخالجني وساوس وهواجس . بل أصوات أطفاله تمتزج بصوت أطفال ونساء ممالك القتل والتعذيب والاغتصاب في العراق وسوريا وضحايا الحوثي في اليمن هناك ساسة الكنغو وهنا ولاية الملالي.يا أمة أما آن لك أن تشرعي النوافذ لتسمعي إستغاثات الثكالا والمغتصبات وصراخ البراءة أطفال يرضعون من دمائهم… يا أمة إن العار لا يمحوه سواكم أفيقوا كفا جبناً وسباتا.. الملك سلمان يسعى جاهداً للملمة الصف والوحدةلأنه أنجع حل لقضايا الأمه.. أنبذوا أنانية مكتسبات كراسيكم الواهنة. لتبعث الأمة من جديد ياشعوب الأمه أنتم أمل إعادة أمجاد أسلافكم.
نرفع بسلمان هاماتنا ونطأطئ هاماتنا بخيبة آمالنا في بعض ساسة العروبة الخونة أو المغيبين.

كم نحن ضحايا .. ضحايا وحمقى ..!!

وفي النهاية إستسمحوا لي العذر في الإطالة ولكني أحببت أن تشاركوني هذا الشعور دون إزعاجكم ، لأن هذا العامل الإفريقي جعلني أُعيد ترتيب مفاهيم حياتي الوطنية والفكرية من جديد .. أو سأعتكف في أحد كهوف أو مغارات الباحة إقتداءً بالمهاتما غاندي ، لدي معضلةً تفرقني عن غاندي بأن عنزتي لم تعد تدر الحليب حزناً على رضيعيها الذين فقدتهم في حلب والموصل وشقيقتها في تعز.

فلا تحاولوا البحث عني في مغارات الباحة إلا بعد إستيقاظ ضمائر الأمة المستباحه

(من أقوال غيري ومن خربشاتي بإختصار)..

د . علي آل غازي