الرئيسية / مقالات / “لماذا قتلنا بعضنا بعضا؟” آثار المأساة اليوغوسلافية تُلمس اليوم أيضا
منظمة السلام والصداقة الدولية

“لماذا قتلنا بعضنا بعضا؟” آثار المأساة اليوغوسلافية تُلمس اليوم أيضا

newswekarabi

م. خلود علي

 

كتب مراسل صحيفة “أرغومينتي إي فاكتي” موضوعا عن مأساة يوغوسلافيا، التي بدأت عام 1992، يشير فيه إلى أنها تحتل المرتبة الثانية بعدد الضحايا بعد الحرب العالمية الثانية.
بدأت مأساة يوغوسلافيا بإطلاق النار على حفل زفاف صربي في سراييفو يوم 1 مارس/آذار عام 1992. وكانت يوغوسلافيا إحدى جمهوريات أوروبا المزدهرة “واجهة لاشتراكية ناجحة”، ولكنها خلال بضعة أيام تحولت إلى كابوس. كيف ينظرون هناك إلى أحداث وقعت قبل 25 سنة؟

في الطريق من بانيا–لوقا إلى سراييفو نشاهد من السيارة، التي تسير بسرعة كبيرة، على جانب الطريق مقبرة المسلمين تليها مقبرة الأرثوذكس وبعدها تقع مقبرة الكاثوليك، واستمر هذا المشهد أكثر من خمس دقائق. وسأل مراسل الصحيفة مرافقه عن هذه المقابر، فأجاب هذا فورا: “هنا ترقد أعداد كبيرة من الأطفال والنساء”. من جانبه، أضاف السائق: “هنا كانت بلدة، هرب بعض سكانها والآخرون قتلوا ورميت جثثهم في النهر”.

بإطلاق النار، في الأول من مارس/آذار 1992 في سراييفو، بدأت المذبحة، التي بلغ عدد ضحاياها 200 ألف شخص في هذه الجمهورية، التي بلغ تعداد سكانها 5 ملايين نسمة.

 

“أنا أطلقت النار على جاري”

في مدينة موستار الواقعة بالقرب من حدود كرواتيا، تم ترميم وصيانة المركز السياحي، وأعيد الجسر القديم، الذي يعود تاريخه إلى العهد العثماني إلى مكانه بعد أن كان قد سقط في النهر خلال الحرب. المدينة ذات أزقة صغيرة وتشاهد فيها منازل عديدة احترقت وفي كل مكان يوجد تنبيه “احذر! قد يحصل انهيار!”. وهناك كنيسة صربية محترقة بين الأعشاب والشجيرات. وكان المسلمون يعيشون على أحد جانبي النهر والكرواتيون على الجانب الآخر والصرب في المناطق المرتفعة. وقد حوصرت المدينة مدة 18 شهرا، ودمرت المدفعية أحياء كاملة منها. يقول أحد السكان، “كان لي جار كرواتي، وكانت تربطنا علاقات عائلية، وعندما بدأت الحرب أطلقنا النار بعضنا على بعض، حيث أصبته في رجله وأصابني في يدي”. سألته لماذا فعلتما ذلك؟ أجاب: “اعذرني لا أعرف؟

 

 

 

آثار المعارك على جدران المدن

يقول معلق قناة تلفزيون الجمهورية الصربية في البوسنة والهرسك دانيل كوفاتشيفيتش: لن تحصل على جواب لهذا السؤال مهما طرحته على سكان المدينة. لقد كانت هذه عدوى جرثومية لجنون مفاجئ. وهناك حاليا من ينتظر تكرار هذه الأحداث، لأنهم لا يصدقون أنها انتهت إلى الأبد. لقد بيَّن تفكك يوغوسلافيا إلى أي درجة من الوحشية يمكن أن ينحدر أصدقاء الأمس.

 

الألعاب والأموات

لقد أجرت البوسنة والهرسك استفتاء بشأن الاستقلال يوم 29 فبراير/شباط 1992 رفض الصرب الاشتراك فيه. وبعد ساعات من ذلك، غرقت البلاد في دياجير الظلام. ورغم مضي 25 سنة، فلا تزال في سراييفو وموستار وغورازدة مبان تذكرنا بمأساة الحرب. وهناك عمليات صيانة وترميم لمبان أخرى وسوف تستمر هذه الأعمال على مدى جيل كامل.

مدينة ترافنيك، التي كان يقطنها المسلمون والكاثوليك والأرثوذكس، قتل منهم في عام 1993 المئات في معركة من أجل متجر للألعاب، حيث كان كل طرف منهم يعده ضمن منطقة تعود إليه. وفي النهاية، لم يبق أثر لهذا المتجر. لماذا؟ يقول البوسنيون إنها “السياسة”. يوغوسلافيا انتهت ولكن الحنين إليها شديد. يقول الجميع من الصرب والكروات والمسلمين: “لن نعيش أبدا كما عشنا في عهد تيتو، الذي توفي عام 1980.

ويقول رجل الأعمال نياز بابيتش من سراييفو، قبل فترة سألت نفسي: لماذا فككنا البلاد؟ من أجل أي حياة قتلونا وقتلناهم؟ البوسنة والهرسك دولة فقيرة وتعيش فقط على مساعدات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. لقد ساعد الغرب على تفكك يوغوسلافيا، بإقناعنا بأنه حالما نحصل على الاستقلال فسوف نعيش في الجنة. وقد اعترفت المانيا والولايات المتحدة بالبوسنة فور إعلان انفصالها. بينما عندما أراد الصرب العيش مستقلين تبين أن هذا ممنوع عليهم. من أجل ماذا دفنا 200 ألف شخص؟ هل من أجل أن يحصل المسنون على 100 يورو مرتبا تقاعديا. إن نصف السكان هاجروا إلى ألمانيا لغسل الأطباق في مطاعمها؟ هل من أجل هذا دمرنا يوغوسلافيا؟ نعم نحن مجانين!

الدم بلغ الركب”

فتاة عمرها 12 سنة تصلي في المقبرة، التي دفن فيها خمسة من أقاربها، تلعن الكرواتيين، وتقول: “عندما أكبر سوف أقتلهم”. وهذا يعني أن أبشع نزاع في أوروبا لم ينته. ويقول مرافقي: إن لم يكن الجميع فالغالبية نادمون على تفكك يوغوسلافيا إلى دويلات قزمية.

ويضيف: “ربما فات الأوان. ويجب أن تتغير الأجيال لكي ننسى كيف مشينا في الدم الذي بلغ الركب”.

م. خلود علي

عن مؤيد علي

شاهد أيضاً

نوره العلم والتفوق والابداع صنوان

اخواتي اخواني عندما يكتب الدكتور علي عن شخصية فتيقنوا انه رأى جوانب تثير الاهتمام وتستحق …